الخميس، 17 يوليو 2008

العنف في الجامعات الأردنية ..... الأسباب والدوافع

العنف في الجامعات الأردنية ..... الأسباب والدوافع

لا شك أن المتابع لأحداث العنف في الجامعات لن يستغرب الزيادة الملحوظة في درجة العنف بين طلاب الجامعات الأردنية المختلفة ودون استثناء، فقبل فترة وجيزة أغلقت جامعة اليرموك أبوابها أمام الطلاب خوفا من تجدد العنف نتيجة لمشكلة سابقة، علما أن الجامعة الأردنية لم تسلم من العنف كان آخرها قيام احدهم بتشويه وجه إحدى الفتيات وقيل في حينه أن لذلك أسباب عاطفية ولم تقف المشكلة عند هذا الحد لان أهل الفتاة لم يقفوا مكتوفي الأيدي ، وكذلك جامعة مؤتة فقد شهدت هي الأخرى أحداث عنف عكرت صفو العملية التعليمية ولم تكن الجامعات الخاصة بعيدة عما يجري في الجامعات الحكومية. وعلى الرغم من ارتفاع حدة العنف إلا انه لا يمكن القول أن العنف قد تحول إلى ظاهرة تلازم التعليم الجامعي في الأردن.

أسباب العنف:

يمكن القول أن العنف في الجامعات الأردنية غير مرتبط بسبب محدد دون غيره إذ أن هناك العديد من الأسباب التي تقف وراء ذلك وربما تلعب بعض العوامل دورا أكثر من غيرها وأهمها :

-العوامل الاجتماعية
-العوامل الاقتصادية
-العوامل الإدارية
-العوامل السياسية
-العوامل الأكاديمية

فعلى الصعيد الاجتماعي يمكن التطرق في البداية إلى جو الأسرة والبيئة الاجتماعية القادم منها الطالب الذي يغلب العنف على تصرفاته، فالأسرة هي اللبنة الأولى التي تشكل شخصية الإنسان، فإذا كانت هذه الأسرة تعاني من انعدام لغة الحوار بين أفرادها وتمييز الأهل فرد على آخر فمن المؤكد أن أفراد الأسرة ستسيطر عليهم الكثير من الجوانب السيئة في سلوكهم أهمها سيطرة لغة العنف والقوة باعتبارها اللغة الوحيدة التي اعتاد عليها وانعدام وجود آلية الاستماع لرأي الآخرين دون أن يحتد ويبدأ بمسلسل السب والشتم وصولا إلى حد الاعتداء بالضرب في كثير من الأحيان. وعند النظر جيدا في الشخصية التي تتبنى العنف منهجا لسلوكها ستجد في اغلب الأحيان أن هذه الشخصية كانت هدفا للعنف المنزلي أو البيئة المحيطة. ولا بد من الإشارة إلى غياب متابعة الأهل لأبنائهم خلال الدراسة الجامعية وهناك الكثير من القصص في هذا السياق. ناهيك عن أوقات الفراغ التي يعاني منها الطالب دون محاولة إشغال وقته بما يفرغ طاقاته عبر القيام بنشاطات ثقافية أو رياضية وهذا بدوره سيلعب دورا مهما في ابتعاد الطالب عن الانتماء لبعض الجماعات والشللية. ومن الجدير بالذكر إن غياب العامل الديني قد خلق انتماءات أخرى للطالب إقليمية وعشائرية وهي من الأسباب القوية لتفجر حالات العنف لاستعانة الطلاب بعشائرهم وقدوم عناصر من خارج الجامعة والتي تساهم في تأجيج العنف وهذا يقودنا إلى قضية مهمة وهي الأمن الجامعي والذي في اغلب الأحيان يبدو بصورة العاجز عن معالجة العنف وذلك لمحدودية الصلاحيات التي يتمتع بها جهاز امن الجامعة وفي أحيان أخرى يكون جزءا من حالة العنف نفسها بسبب تدخل البعض منهم لصالح هذا الطرف أو ذاك خصوصا إذا كانت الأطراف المشاركة للعنف تنتمي إلى نفس عشيرة أعضاء الأمن الجامعي.

أما على الصعيد الإداري والأكاديمي فالجامعة هنا تتحمل الجزء الأكبر من المسئولية لغياب الإدارة الصارمة في وضع آلية واضحة تمنع فيها تجمهر الطلاب في مناطق معينة من الجامعة والتي غالبا ما تكون مصدرا للاحتكاك بين الطلبة وغالبا ما تكون الفتيات هي مصدر العنف في مثل هذه الأماكن لاعتراض أبناء عشيرتها على حديث احدهم معها أو قد تقوم الفتاة نفسها بإبلاغ احد أقاربها أن أحدا قد تحرش بها وغالبا ما يكون سبل حل هذه المشاكل عبر العنف. ولا بد للجامعة من تنشيط الإرشاد الاجتماعي والنفسي وإيجاد حملة توعية من شانها أن توضح أهمية مراجعة الطلاب للمرشد الاجتماعي والنفسي. كما يجب أن تنظر الجامعة في شكاوى الطلاب تجاه بعض أعضاء الكادر التدريسي الذي يرتئي البعض منهم في كثير من الأحيان وضع العراقيل أمام الطلاب الذين يصلون حد الإحباط من الدراسة فينعكس ذلك على سلوكه . ولا بد من الابتعاد عن أسلوب التلقين وخلق الحوافز أمام إبداعات الطلاب وهنا لا بد من القضاء على تحيز بعض الكادر التدريسي في تعامله مع القضايا التي تخص الطلبة خصوصا على المستوى الأكاديمي والقضاء على ظاهرة التوسط لدى بعض الطلاب دون غيرهم لارتباط هذا الطالب أو ذاك بعلاقة مع المدرس أو قد يكون من نفس المنطقة أو العشيرة وهذا من شانه أن يؤجج مشاعر العنف لدى الكثير من الطلاب. ومن القضايا التي قد تكون مصدرا للعنف بين الطلبة هي الانتخابات الطلابية واتخاذ بعض الجامعات لنظام تعيين عدد من الطلاب في الاتحادات الجامعية والتي غالبا ستكون مصدرا للاحتكاك والمشاكل بين الطلبة لذلك يجب على إدارة الجامعة أن تبتعد عن انحيازها لطرف دون آخر وإلغاء التعيينات وخلق نظام انتخابي شفاف من شانه القضاء على مسببات العنف في هذا السياق والسماح للطلاب عن التعبير عن أرائهم عبر تنظيم المسيرات والتي قد تعبر أحيانا عن رفض الطلاب لظاهرة معينة أو التي قد تتشكل نتيجة لبعض الظروف السياسية. وفي الحديث عن الجانب الإداري لا بد من الحديث عن عمادة شؤون الطلبة والتي تعاني من البطء بالحركة تجاه اتخاذ التدابير اللازمة لوقف حالات العنف ودراسة أسبابه ومعاقبة فاعليه وفي هذا الإطار لا بد من تعزيز قدرة العمادة والتغلغل في أصول مشاكل الطلاب ووضع المنهجيات العلمية لحلها.

أما فيما يتعلق بالعوامل السياسية فيمكن للمراقب أن يدرك تماما أن المنطقة تعج بالأحداث السياسية ولا يمكن عزل الطلاب عن محيطهم السياسي، بل يمكن القول أن الجامعات تشكل انعكاسا للحالة السياسية في البلد. وبالتالي فان المحاصرة السياسية للطلاب ومنعهم من التعاطي مع الشأن السياسي تحت شعار أن المؤسسة الأكاديمية هي للعلم فقط سيرفع من حدة اتجاه العنف لدى الطلاب الذين يفتقرون إلى وجود القناة الصحيحة للتعبير عن توجهاتهم السياسية أو أرائهم في القضايا التي تمر بها المنطقة، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن ضعف العمل الحزبي بين الطلاب هو مدعاة لتفشي العنف أيضا ولا يمكن الحديث عن الإصلاح السياسي ونشر مفاهيم الديمقراطية دون ان يكون للطلاب دورا مهما في هذا الشأن لان هذا سيكون الخطوة الأولى للطالب لتعلم لغة الحوار وقبول الآخر دون الضرورة إلى اللجوء للعنف لفرض وجهة نظره.

أما على صعيد العوامل الاقتصادية يتمثل ذلك واضحا من خلال ارتفاع مستوى المعيشة وارتفاع الرسوم الدراسية في الجامعات والتي قد تصل أحيانا إلى حرمان الطالب من الدراسة لعدم توفر الإمكانية ولجوء البعض الآخر للقروض وهذا من شانه أن يجعل الطالب عرضة للانسياق نحو العنف والإحساس بالنقمة تجاه الجميع بدءا من المؤسسة التعليمية وانتهاء بالطلاب. لذلك يجب النظر جديا في تخفيض الرسوم الدراسية والابتعاد عن خصخصة التعليم الجامعي لان ذلك معناه حرمان الكثير من الطلاب من فرصتهم الدراسية.

في النهاية وإذا أردنا أن نمنع العنف من أن يتحول إلى ظاهرة في الجامعات الأردنية والذي قد يتطور إلى استخدام الأسلحة النارية فلا بد من وضع سياسة واضحة للقضاء على العنف في مهده تشترك في ذلك وزارة التعليم العالي والجامعات والأحزاب السياسية والمؤسسات المدنية ولا بد من استسقاء أراء الطلاب في أنجع السبل للقضاء على العنف ولا بد للمشرع من أن يضع القوانين الرادعة التي تعاقب من يقوم بأعمال العنف داخل الحرم الجامعي سواء بالسجن والطرد من الجامعة أو بالعقوبتين معا والابتعاد عن المحاباة وحل مشاكل الجامعات عن طريق الحل العشائري الذي قد يصلح لحل الإشكالات خارج الجامعة أما في داخل الحرم الجامعي يجب أن يأخذ القانون مجراه حتى لو حلت المشكلة عشائريا خارج الجامعة. ويجب على الطالب أن يدرك تماما أن قيامه بأعمال العنف في الجامعة ستكلفه دراسته أو حرمانه مؤقتا وحسب ما يقول المشرع في تصرفه.

ليست هناك تعليقات: